خطوات العمرة بالترتيب والأركان والسنن المستحبة بالتفصيل

يعتبر الإحرام لأداء مناسك العمرة ممكنًا في أي وقت من السنة، ولا يوجد تحديد لوقت محدد لأداء العمرة، بما في ذلك العمرة في شهر رمضان أو أي شهر آخر، وهذا الرأي متفق عليه بين علماء الإسلام الرئيسيين مثل مالك وأحمد وأبو داود والجمهور، هذا بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد قيد على عدد مرات أداء العمرة في السنة، ويمكن للمسلم أداء عمرتين أو ثلاث أو أكثر في نفس السنة، والأفضل هو زيادة أداء العمرة إذا كان بإمكانه ذلك، وهذا يذكر أيضًا في الحديث النبوي حيث أشار النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى أماكن معينة من حول المدينة المنورة حيث يحرم الناس لأداء العمرة، ولكن هذا لا يعني أنه يجب السفر إلى هذه المناطق لأداء العمرة، بل يمكن أداء العمرة في أي وقت وفي أي مكان بمكة المدينة، فإن العمرة تعد من الأعمال النبيلة والمباركة في الإسلام، ويجوز للمسلم أداءها في أي وقت من السنة يرونه مناسبًا لهم، ومن خلال المقال وعبر السطور القادمة سوف نوضح خطوات العمرة بالتفصيل.

خطوات العمرة

الإحرام من الميقات يعتبر أفضل لأداء مناسك العمرة، وذلك لأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أخذ إحرامه من ذي الحليفة ولم يأخذ إحرامه من المدينة، وإذا كان المسلم متواجدًا في مكة إما كمقيم أو مارًا في سبيله، ويرغب في أداء العمرة، فيمكنه أن يتجه إلى أقرب نقطة ميقات من أماكن الميقات المعتادة، ومن الأماكن المعتادة للإحرام أيضًا الجعرانة، لأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أحرم من هناك، وكذلك التنعيم حيث أدت عائشة رضي الله عنها مناسك العمرة، وتعتبر هذه الأماكن أكثر تقاربًا للبيت الحرام.

خطوات العمرة
خطوات العمرة

الغسل عند الإحرام

يشجب استحباب الغسل عند الإحرام، فإذا أراد المعتمر أو الحاج أن يبدأ إحرامه من الميقات المخصصة له، فمن السنة له أن يتخلص من ثيابه ويأخذ استحمامًا مشابهًا للغسل من الجنابة، ويعتبر الاستحمام عند الإحرام سنة للرجال والنساء، حتى إذا كانت الحاجة حائِضًا أو نفساءً. بعد الاستحمام، ويلبس المعتمر ثياب الإحرام ويلف رداءَه حول كتفه، ولاحظ أنه لا يجب أن يكشف الكتف الأيمن إلا أثناء طواف القدوم، ومن ثم يقوم بأداء الصلاة الفريضة إذا كان موعدها قد حان، وإذا لم يكن موعد الصلاة الفريضة قد حان، يصلي ركعتين تنوي بهما سنة الوضوء، وإذا لم يُصل، فذلك لا يُعد مشكلًة.

كما يمكن أيضًا الإحرام من غير الغسل، وهذا جائز من الناحية الشرعية، فقد اتفق علماء الدين على جواز الإحرام دون الغسل، ومن الجيد التأهب للإحرام عبر حلق العانة ونتف الإبط وتقليم الشارب وتقصير الأظافر، لأن هذه الأمور تسُن وتنقي، ويفضل القيام بها قبل الإحرام لتجنب الحاجة إلى القيام بها أثناء الإحرام.

لبس الإحرام

بالنسبة للمحرم، هناك توجيهات خاصة بشأن ملابسه. يفضل أن يقوم المحرم بالإحرام باستخدام إزار ورداء، مع ارتداء نعلين، وبالإضافة إلى ذلك، يمكنه ارتداء أي ملابس أخرى تحمل الإحرام بشكل صحيح، باستثناء الخف وما يشابهه من الملابس، والملابس المخيطة، وتحديدًا، الملابس المخيطة تشير إلى الثياب التي تم تصنيعها بعناية لتكون جاهزة للاستخدام، سواء كانت سراويل أو قمصان أو قفازات وما إلى ذلك، وهذه الثياب قد تكون مخيطة من قِبل الخياطة بخيط وإبرة أو ملصقة بواسطة مواد مثل الصمغ أو الدبابيس أو المسامير، ومن الجيد أن تكون الملابس الرئيسية للإحرام، وهي الإزار والرداء، باللون الأبيض، وفيما يتعلق بالثياب الجديدة للإحرام، يفضل أن تكون هذه الثياب الجديدة أفضل من الثياب المغسولة في هذا السياق، وفيما يتعلق بحزام يستخدم لحفظ النقود، فغالبًا لا يعتبر جزءًا من النهي بشأن الملابس في حالات الإحرام.

التلبية عند الإحرام

عندما يتوجه المسلم للإحرام لأداء العمرة، يتوجب عليه أن يقوم بفعل التلبية بعد الانتهاء من صلاته، حيث يبدأ في الإحرام ويعبر عن نيته في قلبه وبكلماته، يقول: “لبيك عمرة، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك”، ويجب أن يرفع صوته بالتلبية، ولكن المرأة يجب أن تقولها بلحنة تسمع منها جاريات بجوارها فقط، وتفسير عبارة “لبيك” يمكن أن يكون عدة معاني، مثل التجاه والقصد إلى الله، أو الحب والإخلاص لله، أو التفرغ والاستعداد لطاعة الله، وهذه التلبية والاستجابة هي استجابة لأمر الله عز وجل لإبراهيم عليه السلام حين دعاه لنفذ حجًا وقال: “وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا” [الحج: 27].

يجب على المحرم للعمرة زيادة التلبية، خاصةً عند تغير الظروف والأماكن مثل الصعود والنزول، والليل والنهار، ويمكن أن يستخدم التلبية للدعاء والتضرع لله، ويمكن أن يطلب رضا الله والجنة، وأيضاً يمكن أن يستعيذ برحمة الله من النار، ويعتقد بشكل عام أن المعتمر لا يجب عليه أن يتوقف عن التلبية حتى يصل إلى الحجر الأسود في الكعبة، وإذا كان المعتمر غير قادر على التلبية باللغة العربية، فيمكنه أن يتلبى بلسانه مثلما يفعل عند تكبيرة الإحرام وغيرها.

صفة العمرة

عند بدء أداء مناسك العمرة ودخول بيت الله الحرام، يبدأ المعتمر بأداء العمليات التالية على النحو التالي:

يبدأ بالطواف حول الكعبة، ويتجه نحو الحجر الأسود، ويبدأ الطواف بالعمرة، ويعتبر أن البدء بالطواف مستحب لأي شخص داخل الحرم، سواء كان محرمًا أم لا، ما لم يكن لديه مخاوف تتعلق بفوت الصلوات المفروضة أو السنن المؤكدة أو السنن الراتبة، أو إذا كان لديه صلاة مفروضة متأخرة عليه أو صلاة جماعة مفروضة تنتظره في المسجد، وإذا واجه المعتمر منعًا من القيام بالطواف بسبب الزحام، فيجب عليه أن يؤدي تحية المسجد (سنة مؤكدة) إذا دخل المسجد، وإذا كان هناك إمكانية للتواصل مع الحجر الأسود يجب أن يلمسه بيده أو يقبله.

ويجب على المعتمر أن يكون طاهرًا من الحدث والنجاسة على ثيابه وجسده والمكان الذي يمر به أثناء الطواف، كما يجوز للمعتمر التحدث أثناء الطواف، ولكن يجب عليه احترام النساء وعدم ملامستهن بسبب الزحام، والمرأة يجب عليها أيضًا أن تحترم الحرم وتتجنب مخالفة الرجال في الطواف، ويجب عليها تغطية عورتها، وإذا تعرضت عورة أحد المعتمرين أثناء الطواف بدون تفريط، فإن ذلك لا يبطل طوافه، وكذلك لا يفسد الصلاة إذا تعرضت عورة أحد المصلين في المسجد.

شروط صحة الطواف

من ضمن شروط أن يكون الطواف صحيحاً:

  • يجب أن يتم الطواف داخل حدود المسجد، معنى ذلك أنه يجب أن تكون مواقفك خلال الطواف داخل الحرم، سواء كنت في الأدوار السفلية أو العليا أو حتى على السطوح، ويمكن أداء الطواف في أي من هذه المواقف.
  • يجب أن يبدأ الطواف من الحجر الأسود وينتهي عند الحجر الأسود أيضًا، كما يجب أن يكون الحجر الأسود والكعبة على يسارك أثناء الطواف.
  • يجب أن يكون جميع جسمك خارج البيت الذي يكون على بعد شجرة الكعبة، ولا يجوز الطواف فوق البيت أو فوق السور القريبة من الكعبة، ويجب أن يكون الطواف على أرض صحن المسجد.
  • لا بد من أن يكون الطواف من وراء الحجر الأسود، ويجب أن تنطلق من عند الحجر الأسود، فإذا لم يتسن لك الوصول إلى الحجر الأسود، فلا تتدافع أو تشير إليه، ويمكن أن تقول بين الحجر الأسود والركن اليماني: “ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.”
  • يجب على المعتمر أن يكبر كلما مر بالحجر الأسود.
  • يمكن للمعتمر أن يقول أي دعاء أو قراءة من القرآن الكريم خلال باقي جولات الطواف، حيث تم تخصيص الطواف للذكر والعبادة بمجموعة من الأماكن المقدسة بما في ذلك البيت والصفا والمروة وأثناء رمي الجمار.

ما هي سنن الطواف؟

أثناء الطواف في بيت الله الحرام، يفضل أن يلتزم المعتمر ببعض السنن ليؤدي الطواف بالشكل الصحيح. وتشمل هذه السنن:

  • المشي: يجب أن يكون المعتمر يمشي خلال الطواف بين السفرات حول الكعبة.
  • الاضطباع: يفضل أن يقوم بالاضطباع في الطواف الأول الذي يؤديه، سواء كان هذا الطواف هو لأداء العمرة أو جزءًا من مناسك الحج، والاضطباع هو كشف المنكب الأيمن.
  • الرمل: يجب أن يمشي المعتمر في الثلاثة أشواط الأولى، ويسن فيها الرمل، ولكن يمكنه المشي بدون رمل في الأشواط الأربعة الباقية.
  • استلام الحجر الأسود والتقبيل: يُفضل أن يستلم المعتمر الحجر الأسود بيده ويقبله ويضع جبهته عليه في الطواف الأول، وأما في الأشواط
  • اللاحقة، فيمكنه استلام الحجر الأسود بيده ووضع جبهته عليه دون التقبيل.
  • استلام الركن اليماني: يجب أن يسن استلام المعتمر الركن اليماني بيد اليمنى دون التقبيل.

الشرب من ماء زمزم

بعد الانتهاء من الطواف، ينصح بشرب من ماء زمزم. أثناء شربه، ينبغي للمعتمر أن ينوي الشفاء ويسأل الله من خير الدنيا والآخرة، ويتجه نحو القبلة، ويفضل أيضًا أن يشرب بمقدار يشبعه، وذلك استناداً إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: “خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام الطعم وشفاء السقم”.

خطوات العمرة
خطوات العمرة

السعي بين الصفا والمروة

عندما يكمل المعتمر أو الحاج طوافه حول الكعبة، يأتي الوقت لأداء السعي بين الصفا والمروة، ولأداء هذا الفعل، من المفضل أن يبدأ بالعودة إلى الحجر الأسود ومن ثم يتجه نحو باب الصفا ويخرج منه، وعندما يقترب من الصفا، يقرأ قول الله في القرآن: “إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ” (البقرة: 158)، وهذا يُعتبر جزءًا من السنة، ويجب أن نذكر أن السعي بين الصفا والمروة هو ركن من أركان الحج والعمرة، وهذا يعني أنه إذا لم يؤدي المعتمر أو الحاج السعي بين الصفا والمروة، فإن حجه أو عمرته لا تكتملان، ويظل ملزمًا بأداء هذا الفرض، وحتى يأتي بالسعي بين الصفا والمروة، لا يجوز له مخالفة حالته الإحرام ومخالطة النساء.

أما عملية السعي فتبدأ من الصفا حيث يقوم المعتمر بصعودها قليلاً، ومن ثم يبدأ في التوجه نحو البيت الحرام، حيث يجد البيت في مستوى أعلى من الصفا، ويجب على المعتمر أن يستقبل البيت وينظر نحوه بقدر استطاعته، لكن قد يكون الزحام أحيانًا عائقًا لرؤية البيت بشكل واضح، ثم يكبر الله ويهلل ويحمد الله، ثم يقول: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده”، ثم يدعو بما يتمناه من خير الدين والدنيا والآخرة لنفسه ولمن يرغب في دعوته.

بعد أن يكمل المسلم أو المسلمة طوافهما حول الكعبة، يأتي وقت السعي بين الصفا والمروة، ينصح العلماء بأن يدعو المسلم بالدعاء الذي كان يدعو به ابن عمر رضي الله عنه، وقد كان ابن عمر يدعو بعد أن ينتهي من الركعتين خلف مقام إبراهيم وأيضًا أثناء وقوفه على الصفا والمروة، فعلى الصفا، يقرأ الآية: “اللهم إنك قلت {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60] وإنك لا تخلف الميعاد”، ثم يستمر في الدعاء بخيرات الدين والدنيا والآخرة، يسأل الله أن يثبته في الإسلام وأن يجعله مسلمًا حتى يموت، ويدعو أيضًا أن يحفظه بدينه وأن يجنبه العصيان والمعاصي، ويسأل الله حبه وحب ملائكته وأنبيائه ورسله وعباده الصالحين، ويطلب من الله أن يجعله محبًا له ولمخلوقاته الصالحة وأن ييسر له الخير ويبعده عن الشر.

وبعد الدعاء على الصفا، ينزل إلى المروة مشيًا، وعند العلم الأخضر الأول يزيد في السرعة قليلاً، وبعد العلم الأخضر الثاني يعود إلى المشي العادي، ويصل إلى المروة ويستقبل القبلة ويقف على الساحة العليا، ويدين الله ويدعو بما يشاء، وبعد ذلك، يعود من المروة إلى الصفا بنفس الطريق ويكرر هذه العملية حتى يكمل سبعة أشواط، أي سبع مرات بين الصفا والمروة، وبعد السعي، يجب على الرجل أن يحلق رأسه أو يقصره إذا كانوا في حالة إحرامهم، وأما النساء فيمكنهن قص جزء صغير من أطراف شعرهن، والحلق يفضل على التقصير، ويشمل جميع أنحاء الرأس.